الطرق الصوفيه هي تنظيمات أو مدارس روحية داخل التصوف الإسلامي، تهدف إلى تربية المريدين (التابعين) وهدايتهم في طريق السلوك إلى الله عبر منهجية محددة، تعتمد عادةً على الذكر، والمجاهدة النفسية، ومراقبة الشيخ المرشد. ظهرت هذه الطرق بشكلٍ واضح بدءًا من القرن السادس الهجري (الـ12 الميلادي)، وأصبحت جزءًا أساسيًا من البنية الاجتماعية والدينية في العالم الإسلامي.
نشأة الطرق الصوفيه وتطورها:
الصوفية هي تيارٌ روحيٌّ وإيمانيٌّ داخل الإسلام، تركّز على البُعد الباطني (القلبي والروحي) للدين، إلى جانب الالتزام بالشريعة الظاهرة. تُعرف أيضًا بـ”التصوّف”، وتتمحور حول تزكية النفس وترقية الروح للوصول إلى معرفة الله تعالى ومحبته والاتصال به روحانيًّا.
ظهرت في الصوفية في القرنين الأول والثاني الهجريين (القرن 2-3 هـ / 8-9 م) كحركة زهدٍ وعبادة، ردًّا على الترف الذي دخل الحياة الإسلامية بعد اتساع الفتوحات
ركزت الصوفية على التقوى واجتناب الدنيا، تأثرًا بآيات القرآن التي تحث على التقوى والتفكر في الخلق، وأحاديث النبي محمد (ص) التي تؤكد على الإخلاص والخشوع.
أعلام الزهد الأوائل: مثل الحسن البصري (ت. 110 هـ) ورابعة العدوية (ت. 185 هـ)، الذين أشاعوا مفاهيم الحب الإلهي والتوبة ، ثم تطوّرت مع أبي القاسم الجنيد والحلاج (الذي اشتهر بقوله: “أنا الحق”).
تأثرت لاحقًا بفلاسفة مثل ابن عربي (صاحب نظرية “وحدة الوجود”) وجلال الدين الرومي (مؤسس الطريقة المولوية).
التسمية ونشأة المصطلح :
لفظ “صوفي”: اختلف في أصل الكلمة، فقيل إنها مشتقة من “الصوف” (لباس الزهاد الخشن)، أو من “الصفاء” الروحي، أو من “أهل الصُّفّة” (الفقراء الذين عاشوا في مسجد النبي). الرأي الأكثر شيوعًا هو ارتباطها بالصوف كرمز للزهد.
ظهور المصطلح: بدأ استخدام مصطلح “صوفي” في القرن الثاني الهجري، وتكرس في القرن الثالث مع تبلور المدرسة الصوفية كمذهب روحي متميز.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : واسم الصوفية هو نسبة إلى لباس الصوف هذا هو الصحيح ، وقد قيل إنه نسبة إلى صفوة الفقهاء ، وقيل إلى صوفة بن أد بن طانجة قبيلة من العرب كانوا يعرفون بالنسك ، وقيل إلى أهل الصُّفة ، وقيل إلى الصفا ، وقيل إلى الصفوة ، وقيل إلى الصف المقدم بين يدي الل
التطور الفكري
القرن الثالث الهجري: شهد تحولًا من الزهد البسيط إلى تأسيس نظريات روحية عميقة، مع شخصيات مثل:
الجنيد البغدادي (ت. 298 هـ): عُرف بـ “سيد الطائفة”، ووضّح مفاهيم الفناء والبقاء في الله.
ذو النون المصري (ت. 245 هـ): ربط التصوف بالمعرفة الباطنية (المعرفة القلبية).
القرن الرابع والخامس الهجري: ظهرت المؤلفات الصوفية الكبرى، مثل:
“قوت القلوب” لأبي طالب المكي.
“إحياء علوم الدين” للإمام الغزالي (ت. 505 هـ)، الذي دمج التصوف مع الفقه والعقيدة السنية، مما أعطاه شرعية واسعة.
التصوف الصحيح
تتميز الطرق الصوفية بمجموعة من المبادئ الأساسية التي تشكل منهجها الروحي والسلوكي، مع اختلافات في التفاصيل بين الطرق. فيما يلي أبرز هذه المبادئ:
1. الالتزام بالشريعة الإسلامية
يُعتبر التمسك بالقرآن والسنة النبوية أساسًا لا غنى عنه في التصوف الحقيقي. فالصوفية ترى أن الشريعة هي القاعدة التي تُبنى عليها الطريقة (المنهج الروحي) والحقيقة (الوصول إلى المعرفة الإلهية).
وقد أكد علماء صوفية كبار مثل الإمام الشعراني على أن “كل صوفي فقيه، ولا عكس”، مشيرين إلى ضرورة الجمع بين العلم الشرعي والسلوك الروحي . .
2. تحقيق مقام الإحسان
يُعد “الإحسان” (أن تعبد الله كأنك تراه) الهدف الأسمى للصوفية، وهو مرتبة روحية تتجاوز الإسلام الظاهري والإيمان القلبي.
استندوا في ذلك إلى حديث جبريل المشهور، حيث عرّف النبي محمد ﷺ الإحسان بأنه “مراقبة الله في السر والعلن” .
3. التربية الروحية تحت إشراف الشيخ
تُعتبر صحبة الشيخ المُرشد ركنًا أساسيًا في الطرق الصوفية، حيث يُوجه المريد في سيره الروحي ويساعده على تجاوز العقبات النفسية. يُقال: “من لا شيخ له، فالشيطان شيخه” .
4. الأذكار والأوراد اليومية
تتميز كل طريقة بأذكار وأوراد خاصة يتلقاها المريد من شيخه، مثل التسبيح الجماعي أو الذكر الفردي. بعض الطرق تُركز على الذكر الجهري (كالشاذلية)، وأخرى على الذكر الخفي (كالنقشبندية)، استنادًا لاختلاف البيئات والثقافات .
5. تطهير النفس وتزكيتها
يهدف التصوف إلى تصفية القلب من الرذائل (كالكبر والحسد) وتحليته بالفضائل (كالتوكل والرضا). ومن أدوات التزكيةالمحاسبة اليومية: مراجعة الأعمال قبل النوم. الصبر على البلاء: كأحد مقامات القرب من الله .
عدد الطرق الصوفية في العالم
الطريقة
المؤسس
الانتشار
الطريقة القادرية
عبد القادر الجيلاني (ت. 561 هـ / 1166 م) في بغداد
العراق، شمال إفريقيا، جنوب آسيا، القرن الإفريقي
الطريقة الرفاعية
أحمد الرفاعي (ت. 578 هـ / 1182 م) في العراق
مصر، الشام، تركيا
الطريقة الشاذلية
أبو الحسن الشاذلي (ت. 656 هـ / 1258 م) في المغرب
شمال إفريقيا، اليمن، جنوب شرق آسيا
الطريقة المولوية
جلال الدين الرومي (ت. 672 هـ / 1273 م) في تركيا
تركيا، البلقان، إيران
الطريقة التيجانية
أحمد التيجاني (ت. 1230 هـ / 1815 م) في المغرب
غرب إفريقيا، السودان، بعض دول آسيا
الطريقة النقشبندية
بهاء الدين النقشبندي (ت. 791 هـ / 1389 م) في آسيا الوسطى
تركيا، آسيا الوسطى، جنوب آسيا
الطريقه العروسيه
الشيخ احمد بن عروس 1464
تونس و ليبيا
الطريقه العلاويه
الشيخ احمد العلاوى 1934
الجزائر
الطريقه الجعفريه
الشيخ صالح الجعفرى الحسينى امام الازهر 1978
المغرب و السنغال وغرب افريقياالسودان ومصر و ماليزيا مصر
لطريقه القادريه البودشيشيه
سيدى على بن محمد الملقب بسيدى على بودشيش 1980
المغرب
الطريقه الرحيميه
عبيد بن ابراهيم رحيمى 1990
تونس
الطريقه الخليليه
الشيخ محمد محمود ابراهيم ابو خليل
مصر-السعودية-الكويت- دبى -السودان
الطريقه الاحمديه او البدويه
الشيخ احمد البدوى 1229
مصر
الطريقه السعديه
الشيخ سعد الدين الجباوى 1179
بلاد الشام
الطريقه الاكبريه
الشيخ محيى الدين بن عربى الملقب بالشيخ الاكبر 1240
مصر
الطريقه العروسيه
الشيخ احمد بن عروس 1464
تونس و ليبيا
الطريقه العيساويه
الشيخ محمد بن عيسى 1526
المغرب
الطريقه الخلوتيه
الشيخ محمد بن احمد بن محمد كريم الدين الخلوتى 1578
كل طريقة تنتسب إلى سلسلة من الشيوخ، تُعرف بـ”السلسلة الذهبية”، التي تصل إلى النبي محمد (ص) عبر صحابي أو أحد الأئمة المبكرين (كعلي بن أبي طالب أو أبي بكر الصديق).
2. الشيخ المرشد:
يُعتبر الشيخ حجر الزاوية في الطريقة، فهو المرشد الروحي الذي يُعين المريد على تخطي عقبات النفس، ويفسّر له الأحوال والمقامات الصوفية. ويشترط في الشيخ أن يكون مؤهلًا علميًا وروحيًا، ومتصلاً بسندٍ صحيح.
3. الذكر والممارسات الشعائرية:
تختلف طقوس الذكر بين الطرق: بعضها يركز على الذكر الجماعي (كالتهليل، التسبيح) مع حركات جسدية (كالدوران في المولوية، أو الهزّ في الرفاعية).
4. المقامات والأحوال:
تتبنى الطرق مفهوم “المقامات” (مراحل السالك الروحية) مثل التوبة، الزهد، الفقر، الصبر، والوصول إلى المحبة الإلهية. و”الأحوال” هي حالات وجدانية مؤقتة يمنحها الله للسالك، كالخوف، الرجاء، أو السكينة.
5. الزوايا والتكايا:
كانت الزوايا مراكز لنشر الطريقة، حيث تُقام حلقات الذكر، وتُقدّم المساعدة للفقراء، وتُدار كمراكز تعليمية.
أسماء مشايخ الطرق الصوفية
الشيخ
البلد
السنة
الطريقة
الشيخ عبد القادر الجيلاني
العراق
القرن الثاني عشر الميلادي
مؤسس الطريقة القادرية
الإمام أبو حامد الغزالي
ايران
القرن الحادي عشر الميلادي
الشيخ أحمد الرفاعي
العراق
القرن الثاني عشر الميلادي سنة 1118
مؤسس الطريقة الرفاعية
الشيخ ابن عربي
الأندلس (إسبانيا الحالية)
القرن الثالث عشر الميلادي سنة 1165
الشيخ جلال الدين الرومي
تركيا
القرن الثالث عشر الميلادي سنة 1207
أسس الطريقة المولوية المعروفة بدوران الدراويش
الإمام أبو حامد الغزالي
إيران
القرن الحادي عشر الميلادي
الإمام الشاذلي
المغرب
القرن الثاني عشر الميلادي سنة 1196
مؤسس الطريقة الشاذلية
الشيخ أحمد البدوي
المغرب
القرن الثالث عشر الميلادي سنة 1200.
مؤسس الطريقة البدوية.
الشيخ محمد بن علي السنوسي
الجزائر .
القرن الثامن عشر الميلادي سنة 1787
مؤسس الطريقة السنوسية
العز بن عبد السلام
دمشق
القرن الثاني عشر الميلادي سنة 577هـ (1181م)
شمس التبريزى
شاعر اصوله فارسيه
القرن الثاني عشر الميلادي
ابو العباس المرسى
الاسكندرية ..مصر
ام الخير رابعة بنت اسماعيل العدوية البصرية
( 713م او 717م – 801م )
الحسن البصرى
(21 – 110 هـ)
أسماء الطرق الصوفية في مصر
الساده القادرية العليه
الخلوتية الضيفية
السلامية الشاذلية
السادة الرفاعية
السعدية
السمانية الخلوتية
المحمدية الشاذلية
الشيبانية التغلبية
العروسية الشاذلية
الحامدية الشاذلية
الميرغنية الختمية
الشعيبية الاحمدية
البيومية الاحمدية
القاوقجية الشاذلية
التسقيانية الاحمدية
الاحمدية
البرهامية
الحلبية الاحمدية
العزمية الشاذليه
الامبابية الاحمدية
الدمرداشيةالجوهرية الشاذلية
السطوحية الاحمدية
العفيفية الشاذلية
العفيفية الهاشمية
الخليلية
الشبراوية الخلوتية
المدينة الشاذلية
المنايفة الاحمدية
السلامية الاحمدية
الفاسية الشاذلية
السجادة العنانية
القادرية الفارضية
الشناوية الاحمدية
الشرنوبية البرهامية
النقشندية
الجعفرية الاحمدية المحمدية
الحصافية الشاذلية
الهاشمية الشاذلية
الفيضية الشاذلية
الخضيرية
الحبيبية
البكرية
الغنيمية الخلوتية
المصيلحية الخلوتية
المروانية
السادة القصبية الخلوتية
البهوتية الخلوتية
العزازية القطاوية
السجادة الوفائية
الشهاوية البرهامية
الهاشمية الخلوتية
المجاهدية البرهامية
الزاهدية الاحمدية
الحمودية الاحمدية
القادرية الفارضية
العلوانية الخلوتية
الطريقة الخليلية الصوفية
القادرية القاسمية
المسلمية الخلوتية
الهراوية الحفنية
الجوهرية الاحمدية
المغازية الخلوتية
الفرغلية الاحمدية
الادريسية الشاذلية
الجودية الخلوتية
الرحيمية القناوية
السعيدية الشرنوبية
الصاوية الخلوتية
الجنيدية الخلوتية
نقد الطرق الصوفيه
انتقد بعض الفقهاء (كالحنابلة) مفاهيم كالحلول والاتحاد، ورفضوا الممارسات كالسماع والرقص. أما المتصوفة فدافعوا عن كون تجاربهم ضمن أطر الشريعة.
اتُّهم التصوف أحيانًا بالانحراف عن “الإسلام النقي”، خاصة في العصور الحديثة من قبل بعض الحركات السلفية. بينما يؤكد الصوفية أنهم يلتزمون بالقرآن والسنة، وأن ممارساتهم وسائل شرعية للتقرب إلى الله.
النقد والخلافات حول الطرق:**
اختلفت الطرق في ممارساتها؛ فبعضها اتُّهم بالابتعاد عن الشريعة ، بينما دافع آخرون عن التزامهم بالكتاب والسنة.
دور الطرق الصوفيه التاريخي
ساهمت الطرق الصوفيه في نشر الإسلام عبر التركيز على الأخلاق والمحبة (خاصة في إفريقيا جنوب الصحراء، وجنوب شرق آسيا، عبر التدرج في تعليم العقيدة ودمجها مع الثقافات المحلية. ).
أثرت في الأدب العالمي (كشعر عمر الخيام وابن الفارض).
حفظت العلوم الإسلامية عبر الزوايا والربط الصوفية.
قاد بعض شيوخ الصوفية حركات مقاومة، مثل الأمير عبد القادر الجزائري (قادري) في الجزائر، والمهدي السوداني (ت. 1885 م).
في فترات الضعف السياسي، حافظت الزوايا على الهوية الإسلامية و التعليم الديني واللغة العربية.
تتنوع الصوفية اليوم بين فرق مقبولة اجتماعيًّا (كالأزهر في مصر) وأخرى مثيرة للجدل، خاصة مع ظهور تيارات سلفية ترفضها جملةً وتفصيلًا.
ما يزال للتصوف تأثير كبير في العالم الإسلامي، خاصة في مناطق مثل شمال إفريقيا (الطرق التيجانية والقادرية)، وجنوب آسيا (البريلوية)، مع تنوع في الممارسات بين التركيز على الذكر والمدائح النبوية أو الفلسفة العرفانية