اقتصادعاجل

الرئيس و ” النكد” الدولي

دخلت الحكومة المصرية في “نزال” مع صندوق النقد الدولي ، ولم يحالفها التوفيق ، وتخلت عن قرارها بعدم تعويم الجنيه مرة اخرى ، ولم تتمسك بما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي بصريح العبارة ، ” عندما يكون تأثير أسعار الصرف على حياة المصريين ممكن يضيعهم .. لا .. ما نقعدش في مكانا .. لا .. لا منقدرش .. حتى لو الكلام ده هيتعارض مع……… في اشارة من الرئيس حتى لو تعارض الإجراء مع مطالب صندوق “النكد” الدولي .


ولم يمر على تصريحات الرئيس سوى 180 يوم ، ورضخت الحكومة للأمر الواقع وللصندوق -الذى لم يمر على اي دولة الا و “كنس ورش ” كما يقول المثل الشعبي الدارج ، وقررت اتباع سعر صرف مرن يتواكب مع قانون العرض والطلب ،وانتصر صندوق النقد الدولي لمبادئه .

اقرأ:بعد ساعات من تعويم الجنية :صندوق النقد يمنح مصر قرض ب8 مليار دولار


وبنفس السيناريو والإجراءات وأيضاً بنفس التصريحات ، تم اتخاذ قرار التعويم في 6 مارس 2024

  • اولاّ: كما كان يحدث بالكربون في السابق عقد البنك المركزي اجتماعاً استثنائياً للجنة السياسة النقدية ،ورفع الفائدة 6٪
  • ثانياً: إعلان البنوك الحكومية عن شهادات ادخارية بعائد مرتفع لتشجيع حائزي الدولار على التخلص منه وتحسين وضعية الادخار بالعملة الوطنية
  • ثالثاً:توجهات حكومية بالإفراج عن البضاىع المكدسة بالجمارك
  • رابعاً: جملة من التصريحات المسؤولة والمساندة للإجراءات التي تبشر بإن القادم افضل وهذا ما نتمناه .

ونحن لا نُحكم بين الصندوق والحكومة المصرية ، ولا نقول ان الصندوق فاز على (الرغبة المصرية) ، لانه لا يجبر اي دولة على الذهاب اليه وانما الدول هى من تلجأ اليه بصفتهم أعضاء ،و يقدمون برامج للإصلاح تتوافق ومبادئ الصندوق للحصول على تمويل منخفض التكلفة و شهادة دعم بسلامة الإجراءات الاقتصادية تشجع العديد من المؤسسات الإستثمارية التي تسترشد بشهادات الصندوق قبيل اتخاذ قراراتها الاستثمارية

و يتبنى الصندوق جملة من المبادئ في عمله ، قائمة على التحرير الكامل لكل جوانب الاقتصاد ، وحرية اسعار الصرف ، وبناء احتياطيات من النقد الاجنبي، ويفضل ان يكون التضخم رقم واحد ، بجانب الإصلاح الهيكلي للمؤسسات الحكومية

علاوة على ذلك يبغض صندوق النقد تدخل الدول في الصناعة او التجارة او الزراعة ، فقط يريد حصر دور ها في تهيئة المناخ الاقتصادي وتنظيمه ،وتحصيل الإيرادات السيادية لإعادة صرفها على تحسين بيئة العمل وجودة الحياة لمواطنيها بعيد عن الدعم العيني .

فمن يريد من الدول الاعضاء الدخول في مفاوضات للحصول على تمويل من الصندوق ،عليهم تقديم برنامج يتضمن مبادئه وعند الموافقة يتم الالتزام بما جاء في البرنامج.

وفي الحالة المصرية فان أتباع آليات السوق في تحديد اسعار الصرف ، مع استمرار المسار الاقتصادي بالوضعية الحالية، فهذا يقودنا بالتأكيد الى مسار اجباري ، واتخاذ المزيد من قرارات تخفيض العملة المحلية مستقبلاً لأن قنوات جلب الدولار مسدودة بفعل فاعل .

والحل فى اختراقات استثمارية مثيلة بما تم في رأس الحكمة ، وتحجيم الاستيراد ، بل ومنعه في بعض السلع ان تتطلب الامر ، والاتفاقيات التجارية العالمية تمنح الدول إتخاذ إجراءات استثنائية في مثل هذه الحالات ، وما أصعب الوضعية التى يمر بها الاقتصاد الوطني حالياً.

اقرأ:وزيرة الخزانة الأميركية : ندعم مساعدة صندوق النقد الدولي لمصر

ونجد أن احساس الرئيس عبد الفتاح السيسي بطوائف الشعب التي اكتوت بنار زيادة الاسعار التي طالت حتى “حزمة الجرجير” دفعته للإعلان عن عدم الذهاب لمسار التعويم مرة اخرى ، وبنى الرئيس قراره على تعهدات حكومية بإن اللجوء للتعويم مستبعد ، لان المعطيات وقتها تؤكد ان نتائج ما يحدث في مصر من تنمية لا بد وان تظهر اثاره وينعكس على الجميع ، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن .

اقرأ:الحكومة المصرية تخفض قيمة الجنيه 50%

ولتصحيح المسار ، اعلنت الحكومة طواعية تتفيذ خطة تقشف تميل الى الواقعية، تتضمن تحجيم وتيرة المشروعات العامة ، و تسريع برنامج الطروحات لتعزيز الاحتياطي من العملة الصعبة لمواجهة القادم ، الذي لا يبشر بالخبر ، في ظل تصاعد أفعال الحوثيين جنوباً وتهديدهم مسار التجارة في البحر الاحمر وتراجع حركة مرور السفن في قناة السويس وانخفاض الإيرادات بنسبة 60٪ ،ناهيك عن أزمة غزة .

ولا يخفى على القاصي والداني ان مصر مطالبة بدفع 114 مليون دولار يومياً خلال عام 2024 لخدمة الدين الخارجي فقط ، حيث أن الحكومة المصرية مطالبة بسداد استحقاقات تبلغ نحو 42 مليار دولار العام الحالي .

واصبح الذهاب الى صندوق النقد احد افضل الخيارات السيئة ، ومرة اخرى لابد ان نحتكم لقواعد صندوق “النكد” الدولي ، لعلها تكون الأخيرة

فيديو قد يعجبك

تابع موقع الموضوع على جوجل نيوز الان

زر الذهاب إلى الأعلى