(الصوفية)
أقبل إلى التصوف، ولا تخف إنك من الآمنين ، أقبل فالتصوف حب، وإخلاص وزهد ورضا بما قسمه الله لك، وصبر على قضاء الله ، وعدم منازعة على ماليس لك، وهو أيضاً اعطاء العذر لكل صاحب ذنب، وليس النظر إليه ككافر أو فاسق، بل المتصوف ينظر إلى من ابتلاه الله بذنب على أنه قد يكون أفضل منه.
ما هي الصوفية
الصوفية ليست مذهبًا، وإنما أحد مراتب الدين الثلاثة (الإسلام، الإيمان، الإحسان)، فكما اهتم الفقه بتعاليم االلشريعة الإسلامييية ، وعلم العقيدة بالإيمان، فإن التصوف اهتم بتحقيق مقام الإحسان.
مقام الإحسان هو مقام التربية والسلوك، مقام تربية النفس والقلب وتطهيرهما من الرذائل
قال أحمد بن عجيبة: «مقام الإسلام يُعبّر عنه بالشريعة، ومقام الإيمان بالطريقة، ومقام الإحسان بالحقيقة. فالشريعة: تكليف الظواهر. والطريقة: تصفية الضمائر. والحقيقة: شهود الحق في تجليات المظاهر. فالشريعة أن تعبده، والطريقة أن تقصده، والحقيقة أن تشهده»(5).
وقال أيضاً: «مذهب الصوفية: أن العمل إذا كان حدّه الجوارح الظاهرة يُسمى مقام الإسلام، وإذا انتقل لتصفية البواطن بالرياضة والمجاهدة يُسمى مقام الإيمان، وإذا فتح على العبد بأسرار الحقيقة يُسمى مقام الإحسان»
انتشرت حركة التصوف في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة، ثم تطورت حتى صارت طرقا مميزة متنوعة معروفة باسم الطرق الصوفية.
اشهر مشايخ الصوفية
والتاريخ زاخر بعلماء مسلمين انتسبوا للتصوف مثل:
- أحمد الرفاعي
- عبد القادر الجيلاني
- أحمد البدوي
- إبراهيم الدسوقي
- أبو الحسن الشاذلي
- أبو مدين الغوث
- محي الدين بن عربي
- شمس التبريزي
- جلال الدين الرومي
- النووي
- الغزالي
- العز بن عبد السلام
- معروف الكرخي : توفي -رحمه الله- سنة 200 للهجرة، وكان علم من أعلام الزهد وبركة العصر.
- الفضيل بن عياض : من أئمة تابعي التابعين، وكان علم من أعلام التقى .
- الإمام الغزالي :أثر -رحمه الله- التصوف وله أكثر من مئتي كتاب ، توفي في سنة 505 للهجرة.
- الإمام الحسن البصري : ولد -رحمه الله- في المدينة المنورة ونشأ بين الصحابة مثل عثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله.-رضي الله عنهم وأرضاهم
كما القادة الذين تصوفوا مثل:
- صلاح الدين الأيوبي
- محمد الفاتح
- الأمير عبد القادر
- عمر المختار.
نشأة علم التصوف
بعد عهد الصحابة رضي الله عنهم والتابعين عليهم رحمات الله ، أخذ التأثير الروحي يتضاءل شيئاً فشيئاً، وأخذ الناس يتناسون ضرورة الإقبال على الله بالعبودية، وبالقلب والهمة، مما دعا أرباب الزهد لتدوين علم التصوف، وإثبات فضله على سائر العلوم، من باب سد النقص، واستكمال حاجات الدين
و التصوف ليس انشغالا بالناس، بل هو انشغالا بالنفس لتهذيبها وتطويعها لكل خير والابتعاد عن كل شر، والأهم عدم الاعتقاد بأنك أفضل من أحد، وهذا الشعور بالأفضلية هو بداية الشر والمعصية والكفر والتكفير.
نعم، فقد كانت أول معصية على مبدأ “أنا خير منه، خلقتني من نار وخلقته من طين “(1) إذن فالتصوف في البداية وفي أبسط تعريف له هو مخالفة النفس والشيطان والهوى.
اقرأ:“الصلاة ” علامةٌ من علامات محبّة العبد لخالقه
يقول الإمام البوصيري،أشهر شاعر صوفي، في قصيدة البردة وهي من أشهر الفصائد الصوفية، في حب الله وحب النبي محمد صلى الله عليه وسلم..
جاهد النفس والشيطان واعصهما .. وإن هما محضاك النصح فأتهم , ولا تطع منهما خصما ولا حكما .. فأنت تعرف كيد الخصم والحكم
كما يقول فضيلة الإمام الأكبر: فإن من الحقائق التي لا مرية فيها: أن الإنسان لا يتأتي له أن يلج باب الله، أو يسير في الطريق إليه، إلا بالعبودية الخالصة لله وحده لا شريك له.(2)
فإذا ما تمخضت العبودية لله سبحانه، وأصبح الإنسان من عباده المخلصين، وحقق بذلك “إياك نعبد وإياك نستعين” فإن الله سبحانه لا يجعل للشيطان عليه سبيل.
اقرأ: الدعاء ..سهام لا تخيب
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري -رحمه الله- فيما معناه.[١] قال إنّ التصوف هو علم من العلوم التي تُعرف به أحوال تزكية النفس وكيف تصفي وتنقي الأخلاق، وتقوم بتعمير ما ظهر وما بطن في نفس الإنسان لنيل السعادة الأبدية.
ويقول الشيخ أحمد زروق -رحمه الله- التصوف هو علم موضوعه ومقصده هو إصلاح القلوب وإفرادها لله -تعالى- وحده لا شريك
كما يقول فضيلة الإمام الأكبرعبدالحليم محمود في تعريف كلمة التصوف، إني أرى أن لفظة التصوف تنتسب إلى الصوف، وكما يقال : تقمص إذا لبس القميص – كذلك يقال تصوف إذا لبس الصوف ومن أبرز من قال بهذا الرأي المرحوم الاستاذ الأكبر الشيخ مصطفى عبدالرازق، والمرحوم الدكتور زكي مبارك.
ويضيف الإمام : إن الكلمة وضعت في المبدأ لتدل على نمط من العزوف عن الدنيا..(3)
اقرأ:غداً .. تشرق شمس الست على مصر
علاوة على ذلك يقول شيخ الإسلام وسلطان الأولياء عبدالقادر الجيلاني الشافعي الحنبلي : وطريق الوصول إلى الله تعالى متابعة الجسم على الصراط المستقيم بأحكام الشريعة ليلاً ونهاراً ودوام ذكر الله تعالى فرض قائم على الطالبين كما قال الله تعالى: “الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون..” والمراد من القيام النهار، ومن القعود الليل، ومن الجنوب الصحة والمرض والغنى والفقر وفي كل الأحوال.(4)
وإذا كان من واجبات المتصوف دوام ذكر الله في كل حال فلن يجرؤ على معصية لله، ولن يقدم على أذى لخلق من خلق الله.
اعداد: عبدالعزيز صبره الرفاعي :
اقرأ: كيف تعرف نتيجة صلاة الاستخارة
المراجع
(1) قرآن كريم ، سورة الأعراف، آية 12
(2)الإمام الدكتور عبدالحليم ، قضية التصوف المنقذ من الضلال محمود ، دار المعارف ص 7
(3)الإمام الدكتور عبدالحليم، المرجع السابق، ص34
(4)عبدالقادر الجيلاني “سر الأسرار ومظهر الأنوار رسالة في التصوف” تحقيق الأستاذ الدكتور عبدالرحيم السايح، والمستشار توفيق علي وهبة، مكتبة الثقافة الدينية ص 116
(5)كتاب: صريح العبارة وباهر الإشارة في جرد معاني البحر المديد الغزيرة، المؤلف: عبد السلام العمراني الخالدي، الناشر: دار الكتب العلمية، سنة النشر: 2009م، الجزء الرابع، ص: 149.
تابع موقع الموضوع على جوجل نيوز الان
(الصوفية)