وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين (1) يقول ابن كثير في تفسير الآية أن الله سبحانه وتعالى “جعل محمداً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم رحمة للعالمين، أي: أرسله رحمة لهم كلهم، فمن قبل هذه الرحمة وشكر هذه النعمة، سعد في الدنيا والآخرة، ومن ردها وجحدها خسر في الدنيا والآخرة” (2)(النبي محمد)
وقد تكون الرحمة في الأوقات العادية ولحظات السلم ومع الأحباب والأصدقاء والأصحاب خلقاً رائعاً ومن فضائل البشر، ولكن إذا كان الحب مبذولاً لمن يعادي الإنسان ويحاربه ، بل إذا كان الإنسان يقابل خصمه في الحرب وفي اللحظة التي وقع فيها من الخصم الاعتداء والقتل والجرح فيقابل هذا بالرحمة فتلك سمات وأخلاق وطبيعة تفوق طبيعة البشر.
لما لا وهو محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وفيه يقول الإمام محمد بن سعيد البوصيري في قصيدة البردة أو قصيدة البُرأة أو الكواكب الدريَّة في مدح خير البرية، وهي أحب القصائد الصوفية في مدح النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم..
اقرأ:شجرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلّم-
محمد سيد الكونين والثقليـن ..والفريقين من عرب ومن عجــــمِ
هو الحبيب الذي ترجى شــــــــفاعته.. لكل هولٍ من الأهوال مقتــحـم
ثم الرضا عن أبي بكرٍ وعن عمرٍ وعن عليٍ وعن عثمان ذي الكرم
يا رب بالمصطفى بلغ مقاصـدنا ..واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم (3)
اقرأ:أسماء سيدنا محمد – صلّى الله عليه وسلّم-
وجاء في السيرة النبوية المطهرة الشريفة، إنه لما كُسِرت رباعيته (إحدى أسنانه الشريفة)، وشُج رأسه الشريف يوم أحد ، شق ذلك على الصحابة، فقالوا: لو دعوت عليهم.(4)
في هذه اللحظة نبي الرحمة والحب، مُصاب تسيل منه الدماء بل سقط في حفرة أثناء القتال وأشيع أنه لاقى ربه ، بمعنى أنه انتقل إلى رحمة الله، أي توفاه الله، وبعد كل هذا وهو في حالة حرب تسيل منه الدماء وقد استشهد أحب الناس إليه سيد الشهداء عمه حمزة بن عبدالمطلب، قائد جيشه، وجيشه مصاب ومهزوم في هذه المعركة، فلو قولنا أنه في لحظة انتصار فقدم العفو والرحمة ، ولكنه هو الآن في لحظة خسر فيها معركة ، ومُصاب وتسيل منه الدماء على أيدي من لاقى منهم من الأهوال والعذاب ما لاقى، وهو يدعوهم إلى النور والحب والحق.
فكان رده صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، على طلب أصحابه بالدعاء على الأعداء، قال نبي الرحمة والحب والسلام: “إني لم أُبعث لعاناً، وإنما داعياً ورحمة، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون”
وكان الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، يلخص رسالته فيقول: المعرفة رأس مالي، والعقل أصل ديني، والحب مذهبي، والشوق مركبي، وذكر الله أُنسي ، والحزن رفيقي، والصبر ردائي، والصدق شفيعي ، والعلم سلاحي، والجهاد خُلقي، وقرة عيني في الصلاة.
اقرأ:أجمل صيغ الصلاة على النبي (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ)
بقلم/عبدالعزيز صبره الرفاعي
المراجع
(1)قرآن كريم، سورة الأنبياء، آية 107
(2)موقع المصحف الالكتروني- جامعة الملك سعود – الانترنت
(3)الإمام محمد سعيد البوصيري، البردة ، موقع خواطر عامة
(4)فتحي الإبياري، محمد صلى الله عليه وعلى أله وصحبه وسلم نبي الحب والسلام، الهيئة المصرية العامة للكتب، ص 107
تابع موقع الموضوع على جوجل نيوز الان