غزوة بدر الكبرى
إن بدء مشروعية القتال والحرب في الإسلام جاءت دفاعية، لرد الظلم والعدوان والدفاع عن الحقوق المسلوبة من المسلمين، وبدأت مشروعية القتال بعد الهجرة النبوية، وأول تنفيذ لها كان في شهر صفر بعد عام كامل من الهجرة.
عبدالعزيز صبره الرفاعي :
غَزْوَةُ بَدْرٍ (وتُسمى غزوة بدر الكبرى وبدر القتال ويوم الفرقان) هي غزوة وقعت في السابع عشر من رمضان في العام الثاني من الهجرة (الموافق 13 مارس 624م) بين المسلمين بقيادة الرسول محمد – صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – ، وقبيلة قريش
وتُعد غزوةُ بدر أولَ معركةٍ من معارك الإسلام الفاصلة، وقد سُميت بهذا الاسم نسبةً إلى منطقة بدر التي وقعت المعركة فيها، وبدر بئرٌ مشهورةٌ تقع بين مكة والمدينة المنورة.
فقد خرج سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – لأول مرة بقصد الغزو في غزوة ودان، يريد قريشاً وبني حمزة، ولكنه عليه الصلاة والسلام كُفِي القتال، فقد وادعه (سالمه ..طلبوا السلام) بنو حمزة، وعاد النبي (ص) وصحبه إلى المدينة دون قتال.
عير قريش والحقوق المسلوبة:
سمع النبي محمد (ص) بعير تجارية (قافلة) لقريش قادمة من الشام، برئاسة أبو سفيان بن حرب ، فندب المسلمين إليها، ليأخذوها مقابل أموال المسلمين وديارهم التي أخذتها قريش في مكة.
ووصل أبو سفيان خروج النبي – ص- وأصحابه، وقصدهم العير، فأرسل ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة لستنجد بقريش لانقاذ العير فتجهزت قريش سراعاً، وخرجوا جميعاً قاصدين الحرب، حتى أنهم لم يتخلف منهم أحداً، وكانوا ألف محارب.
وخرج رسول الله -ص- في ليال مضت من شهر رمضان مع أصحابه وكانوا، فيما رواه ابن اسحاق، ثلاث مئة وأربعة عشر رجلاً.
وكانت إبل المسلمين سبعين يتعاقب على الواحدة منها اثنان أو ثلاثة من الصحابة، وهم لا يعلمون من أمر قريش وخروجهم شيئاً
أبو سفيان يهرب بالقافلة:
أما أبو سفيان فقد فرَّ بالعير بعيداً سالكاً طريق البحر إلى مكة، جاعلاً ماء بدر،عن يساره، وأسرع السير، حتى هرب إلى مكة.
وجاء إلى النبي- ص – خبر خروج قريش إلى المسلمين، فاستشار أصحابه.
المهاجرون : نحن معك
فتكلم المهاجرون كلاماً حسناً، وكان منهم المقداد بن عمرو، فقد قال: يارسول الله، إمض لما أمرك الله فنحن معك، ولكن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – ظل ينظر إلى القوم ويقول لهم : أشيروا علي أيها الناس ..فقال له سعد بن معاذ (كبير الأنصار) : والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ، قال : أجل.
الأنصار يواصلون الأمجاد:
فقال سعد بن مُعاذ: لقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك.
ففرح رسول الله – ص – بقول سعد ، ثم قال سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين..والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم.
ثم أرسل رسول الله الأعوان والمخابرات ليتحسسوا أخبار قريش فجاءت المعلومات بأنهم بين التسع مئة والألف، وأن فيهم عامة زعماء قريش.
أبوجهل يُعاند:
وكان أبو سفيان قد أرسل إلى زعماء قريش، أن أرجعوا فقد أحرز العيرَ، ولكنهم رفضوا الرجوع ، وأصر أبو جهل ، وكان مما قال : والله لا نرجع حتى نَرِد بدراً فنقيم عليها ثلاثاً فننحر الجزر ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان ، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا.
الحرب والرأي والمكيدة:
ثم إنهم مضوا حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي، ونزل رسول الله – ص – عند أدنى ماء من مياه آبار بدر. فقال الحباب بن المنذر: يا رسول الله أرأيت هذا المنزل، أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدم ولا أن نتأخر عنه، أم هو الحرب والرأي والمكيدة؟ قال : بل هو الحرب والرأي والمكيدة.
خطة المسلمين في بدر:
فقال لاالحباب بن المنذر: فإن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى تأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه من الآبار ، ثم نبني عليه حوضاً فنملؤه ماء ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون.
ثم أخذ النبي – ص- يطمئن أصحابه بتأييد الله ونصره ، حتى إنه كان يقول : هذا مصرع فلان، ومصرع فلان (أي من المشركين) وهو يضع يده الشريفه على الأرض هاهنا وهاهنا .. فما تزحزح أحدهم في مقتله من موضع يده.
النبي يستغيث بالله:
وراح النبي – ص- يجأر إلى الله تعالى بالدعاء مساء ليلة الجمعة لسبع عشرة مضت من شهر رمضان، ويقول: اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادُك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني اللهم أحنهم الغداة ..
وظل النبي يناشد الله متضرعاً وخاشعاً وهو يبسط كفيه إلى السماء حتى أشفق عليه أبوبكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، فالتزمه من ورائه وقال له : يا رسول الله أبشر فوالذي نفسي بيده لينجزن الله لك وعدك..وأقبل المسلمون أيضا يستنصرون الله ويستغيثونه ويخلصون له في الضراعة.
بداية القتال ونزول الملائكة:
وفي صبيحة يوم الجمعة لسنتين خلتا من الهجرة بدأ القتال بين المشركين والمسلمين، وأخذ النبي -ص- حفنة من الحصباء فاستقبل بها قريشاً وقال : “شاهت الوجوه” ، ثم نفحهم بها فلم يبق فيهم رجل إلا امتلأت عيناه منها ، وأيد الله المسلمين بالملائكة يقاتلون إلى جانبهم
اقرا: الحسين: رمز العدالة والتضحية
انتصار المؤمنين
ونتج عن القتال نصر كبير للمسلمين، وقُتِل في تلك المعركة سبعون من صناديد المشركين ، وأُسِر سبعون ، واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلاً.
النبي يخاطب الموتى :
وألقيت جثث المشركين الذين صرعوا في هذه الغزوة وفيهم عامة صناديدهم، في قليب بدر، وقام رسول الله -ص- على ضفة البئر فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء أبائهم: يا فلان ويا فلان بن فلان ..إننا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟ فقال عمر : يارسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟، فقال: والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم .
المراجع
عن كتاب فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة، تأليف الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي ، ص155 وما بعدها
غزوة بدر الكبرى / غزوة بدر الكبرى
تابع موقع الموضوع على جوجل نيوز الان