دين ودنيا

دلائل الخيرات ..الشمائل المحمدية… الحلقة الثالثة

عبدالعزيز صبره الرفاعي

في البداية معنى شمائِلُ هنا هي جمع “شَميلة”، وهي أخلاق، خِصال، طِباع ، ويُقال كريم الشّمائل، وهذا من شمائله، ويقطر من شمائله ماءُ الكرم.(1)

حديث الشمائل المحمدية :
صفات سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.. في حديث الشمائل المحمدية للإمام الترمذي رضي الله عنه ، أخرج يعقوب بن سفيان الحافظ عن الحسن بن علي رضي الله عنهما، قال: سألت خالي هند بن أبي هالة – وكان وصافاً – عن حلية رسول الله – ص – وأنا أشتهي أن يصف لي شيئاً أتعلق به ..

صورة النبي محمد:
فقال: كان رسول الله – ص – فخماً مفخماً، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع ( لا يوصف بطول ولا بقصر) ، وأقصر من المشذب (الطويل)، عظيم الهامة، رجل الشعر( ليس ناعماً ولا خشناً بل هو بينهما) إذا تفرقت عقيصته (ضفيرته) فرق وإلا فلا، يجاوز شعره شحمة أذنيه، ذا وفرة، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب (حاجبه دقيق مع طول)، سوابغ في غير قرن(مليئة بالشعر في غير ترهل) بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرنين ( أي بياض عينيه شديد البياض، وسوادها شديد السواد، وهذا منتهى جمال العينين)..

اقرا:دلائل الخيرات

ملامح وجه النبي محمد:
..له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم كث اللحية ، أدعج (أسنانه ذات منظر حسن)، سهل الخدين، ضليع الفم، أشنب، مفلج الأسنان، دقيق المسربة (أي رفيع الوسط)، كأن عنقه جِيد دمية في صفاء – يعني الفضة – معتدل الخلق، بادن متماسك، سواء البطن والصدر، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك، أشعرالذراعين والمنكبين وأعالي الصدر..

وصف جسد النبي محمد:
..طويل الزندين، رحب الراحة، سبط القصب، ششن الكفين والقدمين(عظيم الكفين والقدمين)، سابل الأطراف، خمصان الأخمصين(ضامر البطن)، مسيح القدمين(المقصود أن قدميه لا تلتصق بطونها بالأرض)، ينبو عنهما الماء إذا زال زال قلعاً، يخطو تكفؤا..

اقرأ:أسماء سيدنا محمد – صلّى الله عليه وسلّم-

صفة مشي النبي محمد :
..ويمشي هوناً ذريع المشية إذا مشى كأنما ينزل من صبب (جبل)، وإذا التفت التفت جميعاً، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جُل نظره الملاحظة، يسوق أصحابه يبدأ من لقيه بالسلام..

صفة كلام النبي محمد:
قلت: صف لي منطقه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة، لا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه، يتكلم بجوامع الكلم ، فصل لا فضول ولا تقصير، دمث ليس بالجافي ولا المهين ، يعظم النعمة وإن دقت، لا يذم منها شيئاً ولا يمدحه، ولا يقوم لغضبه إذا تعرض للحق شئ حتى ينتصر له – وفي رواية – لا تغضبه الدنيا وما كان لها، فإذا تعرض للحق لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له، لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها..

..إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث يصل بها يضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جُلَ ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام (يعني إذا ضحك أو تبسم ظهرت أسنانه كأنها الحبات البيضاء من الثلج بياضاً، أو كأنها قطع البرد) ..

اقرا:مِن هُنا بِدايةُ التصوف ..بِدايةِ الصفاء لله

الحسن والحسين:
.. قال الحسن : فكتمتها الحسين بن علي زماناً ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه، فسأله عما سألته عنه، ووجدته قد سأل أباه عن مَدخله ومخرجه، ومجلسه وشكله، فلم يدع منه شئ.


قال الحسين: سألت أبي عن دخول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فقال: كان دخوله لنفسه مأذوناً له في ذلك، وإذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزءاً لله، وجزأً لأهله، وجزءأً لنفسه ثم جزءأً جزأه بينه وبين الناس فرد ذلك على العامة والخاصة لا يدخر عنهم شيئاً ..

وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بأدبه وقسمه على قدر فضلهم في الدين فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم، ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة من مسألته عنهم وإخبارهم بالذي ينبغي لهم ويقول : ليبلغ الشاهد الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته، فإنه من بلغ سلطاناً حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياه ثبت الله قدميه يوم القيامة، لا يُذكر عنده إلا ذلك، ولا يقبل من أحد غيره، يدخلون عليه زواراً ، ولا يتفرقون إلا عن ذواق- وفي رواية – ولا يتفرقون إلا عن ذوق ، ويخرجون أدلةً ، يعني فقهاء وهداةً.

اقرأ:التصوف ..صفاء في حب الله ..غاية السائرين ..وأمل العابدين

قال: وسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه؟
فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، يخزن لسانه إلا بما يعنيهم ويؤلفهم ولا ينفرهم، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم، من غير أن يطوي عن أحد منهم بشْرَه ولا خُلقَه، يتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، ويُحسنَ الحسنَ ويُقويه، ويُقبح القبيح ويُوهِيه، معتدل الأمر غير مختلف ، لا يغفل ، مخافة أن يغفلوا أو يميلوا، لكل حال عنده عتاد ، ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه.. الذين يلونه من الناس خيارهُم، أفضلهم عنده أعمهم نصيحة ، وأعظمهم عنده منزلةً أحسنهم مواساة ومؤازرة.

مجلس النبي محمد:
قال: فسألته عن مجلسه كيف كان؟
فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر، ولا يوطن الأماكن وينهي إيطانها (أي اختصاص كل واحد بمجلس معين في المسجد أو غيره) ، وإذا أنتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلسُ ويأمر بذلك ، يعطي كل جلسائه نصيبه، حتى لا يحسب جليسُه أن أحداً أكرم عليه منه ، من جالسه أو قاومه في حاجه صابره حتى يكون هو المنصرف، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها، أو بميسور من القول ، قد وسع الناسَ منه بسطُه وخلقه فصار لهم أباً، وصاروا له عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة لا تُرفع فيه الأصوات ، ولا تؤبن فيه الحُرم، ولا تثني فلتأته، متعادلين يتفاضلون فيه بالتقوى، متواضعين يوقرون فيه الكبير ويرحمون الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب.

اقرأ:أجمل صيغ الصلاة على النبي (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ)


قال: فسألته عن سيرته في جلسائه فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم دائم البشر سهل الخلق ، لين الجانب، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا سخَّاب، ولا فحَّاش ولا عيَّاب، ولا مزاح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يخيب راجيه ..

..وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحداً ولا يعيره، ولايطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه ، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا ، وإذا تكلم سكتوا ، ولا يتنازعون عنده، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته حتى إن كان أصحابه ليستجلبون في المنطق ، ويقول إذا رأيتم صاحب حاجة فأَرفدوه ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بانتهاء أو قيام.

اقرأ:النبي محمد رسول الحب والرحمة والسلام

قال : فسألته كيف كان سكوته ؟
قال: كان سكوته على أربع: الحلم والحذر، والتقدير، والتفكر: فأما تقديره ففي تسويته النظر والاستماع بين الناس، وأما تذكره أو تفكره ففيما يبقى ويفنى، وجمع له صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، الحلم والصبر، فكان لا يُغضبه شئ ولا يستفزه، وجُمع له الحذر في أربع: أخذه بالحسنى والقيام لهم فيما جمع لهم الدنيا والآخرة. (2)

المصادر:

المعجم: اللغة العربية المعاصر
الإمام محمد سليمان الجزولي، دلائل الخيرات، دار الأنصار

تابع موقع الموضوع على جوجل نيوز الان

دلائل الخيرات ..الشمائل المحمدية

دلائل الخيرات ..الشمائل المحمدية

زر الذهاب إلى الأعلى