شمس التبريزي ..سيد أولياء الله

شمس التبریزی (1185م- 1248م)، هو شاعر مسلم فارسي صوفي ولد في مدينة تبريز وسمي بالتبريزي نسبة الي المدينة التي ولد فيها ، يُلقب بـ”قطب الصوفية” و”سيد أولياء الله” و”إمبراطور مجانين العشق”، كما يلقبه أرباب الصوفية بـ”الطائر” ، كتب غالبية شعره بالفارسية وبعضاً منه بالتركية والعربية، شافعي المذهب .

يُعتبر شمس التبریزی المُعلم الروحي لجلال الدين الرومي (مولانا). كتب ديوان التبريزي (الديوان الكبير) الذي كتبه في مجال العِشق الإلهي.

كان التبريزي كثير التجوال، وقيل عنه بأنه لم ينم بمكان أكثر من ليلة واحدة لكثرة ترحاله. وأخذ هذه الصفة عن والده حيث انه كان تاجراً يجوب الأقطار والبلاد ، وكان يكسب النقود للطعام من تفسير الأحلام وقراءة الكفوف،

التقى شمس التبريزي بالشاعر جلال الدين الرومي الملقب بـ «مولانا» عام 1244م ، وتكونت صداقة غيرت مجرى حياة كليهما، وتحول الرومي من رجل دين عادي إلى شاعر ي ، وصوفي ملتزم ولكن يأكلت الصداقة بعد ثلاث سنوات تقريبا على نحو مأساوي.

اتبع شمس التبريزي طريق الصوفية في شبابه وأحبّها، وكان يقول إنّه يرى الله تعالى ويرى الملائكة ويرى الغيبيات، ويظنّ أنّ جميع النّاس يرون مثلما هو يرى، ولكنّ لما أصبح شابًا وخالط الحياة عَلم أنّ فيه ما ليس في غيره.

أحب التبريزي سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتّى إنّه كان يمكث مدة أربعين يومًا دون طعام وهو يتدارسها، ودون أن يشعر بجوع، أو ينتبه إلى جوعه

زوجة شمس التبريزي

تزوج شمس التبريزي في عام 1247م قَبل وفاته بعام واحد، من امرأة نشأت في بيت جلال الدين الرومي واسمها كيميا، و قد تُوفيت سريعًا بعد زواجها، ولحق بها التبريزي بعد زواج لم يدُم أكثر من عام واحد، وكان يبلغ من العمر حينها ثلاثة وستين عامًا.

طالع : الحلاج المعذب المصلوب .. بين اتهام بالكفر .. وبين العشق الإلهي

قواعد العشق الأربعون ( شمس التبريزي )

إن الطريقة التي نرى فيها الله ما هي إلا انعكاس للطريقة التي نرى فيها أنفسنا، فإذا لم يكن الله يجلب لنا سوى الخوف والملامة فهذا يعنى أن قدرً كبيرًا من الخوف والملامة يتدفق لقلوبنا، أما إذا رأينا الله مُفعمًا بالمحبة والرحمة فإننا نكون كذلك.

إن الطريق إلى الحقيقة يمر من القلب لا من الرأس، فاجعل قلبك، لا عقلك، دليلك الرئيسي. واجه، تحدَّ، وتغلب في نهاية المطاف على «النفس» بقلبك. إن معرفتك بنفسك ستقودك إلى معرفة الله.

إنه يمكنك أن تدرس الله من خلال كل شيء وكل شخص في هذا الكون، لأن وجود الله لا ينحصر في المسجد أو في الكنيسة. لكنك إذا كنت لا تزال تريد أن تعرف أين يقع عرشه بالتحديد، يوجد مكان واحد فقط تستطيع رؤيته وهو قلب عاشق حقيقي.

يتكون الفِكر والحب من مواد مختلفة. فالفكر يربط البشر في عُقَد لكن الحب يذيب جميع العُقَد. إن الفِكر حذرٌ على الدوام وهو يقول ناصحًا «إحذر الكثير من النشوة» بينما الحب يقول «لا تكترث أقدم على هذه المجازفة» وفي حين أن الفكر لا يُمكن أن يتلاشى بسهولة، فإن الحب يتهدم بسهولة ويصبح ركامًا من تلقاء نفسه. لكن الكنوز تتوارى بين الأنقاض، والقلب الكسير يخبئ كنوزًا.

تنبع مُعظم مشاكل العالم من أخطاء لغوية ومن سوء فهم بسيط. لا تأخذ الكلمات بمعناها الظاهري مُطلقا وعندما تلج دائرة الحب تكون اللغة التي نعرفها قد عفى عليها الزمن. فالشيء الذي لا يمكن التعبير عنه بكلمات لا يمكن إدراكُه إلا بالصمت.

الوحدة والخُلوة شيئان مختلفان فعندما تكون وحيدًا من السهل أن تخدع نفسك ويخيَل إليك أنك تسير على الطريق القويم. أما الخُلوة فهي أفضل لنا، لأنها تعني أن تكون وحدك من دون أن تشعر بأنك وحيد. لكن في نهاية الأمر من الأفضل لك أن تبحث عن شخص، شخص يكون بمثابة مرآة لك. تذكر أنك لا تستطيع أن ترى نفسك حقًا إلا في قلب شخصٍ آخر، وبوجود الله في داخلك.

مهما حدث في حياتك ومهما بدت الأشياء مزعجة فلا تدخل ربوع اليأس. وحتى لو ظلت جميع الابواب موصدة فإن الله سيفتح دربا جديدًا لك. إحمد ربك! من السهل عليك أن تحمد الله عندما يكون كل شيء على ما يرام. فالصوفي لا يحمد الله على ما منحه الله إياه فحسب! بل يحمده أيضًا على كل ما حرمه منه.

لا يعني الصّبر أن تتحمل المصاعب سلبًا، بل يعني أن تكون بعيد النظر بحيث تثق بالنتيجة النهائية التي ستتمخض عن أي عملية. ماذا يعنى الصبر؟ أنه يعني أن تنظر إلى الشوكة وترى الوردة، أن تنظر إلى الليل وترى الفجر. أما نفاد الصبر فيعني أن تكون قصير النظر ولا تتمكن من رؤية النتيجة. إن عشاق الله لا ينفد صَّبرهم مطلقًا، لأنهم يعرفون أنه لكي يُصبح الهلال بدرًا فهو يحتاج إلى وقت. لقد خلق الله المعاناة حتى تظهر السعادة.

لا تحكم على الطريقة التي يتواصل بها الناس مع الله، فلكل إمرئٍ طريقته وصلاته الخاصة إن الله لا يأخذنا بكلمتنا بل ينظر في أعماق قلوبنا. وليست المناسك أو الطقوس هي التي تجعلنا مؤمنين، بل إن كانت قلوبنا صافية أم لا.

لا يوجد فرق كبير بين الشرق والغرب والجنوب والشمال. فمهما كانت وجهتك، يجب أن تجعل الرحلة التي تقوم بها رحلة في داخلك. فإذا سافرت في داخلك فسيكون بوسعك اجتياز العالم الشاسع وما وراءه.

عندما تجد الحُبلى لا تتألم أثناء المخاض، فإن الطريق ليس سالكًا بعد لوليدها. فلن تضع وليدها إذًا. ولكي تولد نفس جديدة يجب أن يكون هناك ألم. وكما يحتاج الصلصال إلى حرارة عالية ليشتد فالحب لا يكتمل إلا بالألم.

إن السعي وراء الحبّ يغيّرنا. فما من أحد يسعى وراء الحبّ إلا وينضج أثناء رحلته.

يوجد مُعلمون مُزيفون وأساتذة مُزيفون في هذا العالم أكثر عددًا من النجوم في الكون المرئي. فلا تخلط بين الأشخاص الأنانيين الذين يعملون بدافع السُلطة وبين المعلمين الحقيقيين. فالمعلم الروحي الصادق لا يوجه انتباهك إليه ولا يتوقع طاعة مُطلقة أو إعجابًا تامًا مِنك. بل يساعدك على أن تُقدر نفسك الداخلية وتحترمها. إن المعلميين الحقيقيين شفافون كالبلور، يَعبر نور الله من خلالهم.

لا تحاول أن تقاوم التغييرات التي تعترض سبيلك. بل دَع الحياة تعيش فيك. ولا تقلق إذا قلَبت حياتك رأسًا على عقب. فكيف يمكنك أن تعرف أن الجانب الذي اعتدتَ عليه أفضل من الجانب الذي سيأتي؟

كُل واحدٍ مِنا هو عبارة عن عمل فني غير مُكتمل يسعى جاهدًا للاكتمال.

لا توجد حكمة من دون حبّ. وما لم نتعلم كيف نُحب خلق الله، فلن نستطيع أن نُحب حقًا ولن نعرف الله حقًا.

إن القذارة الحقيقية تقبع في الداخل. أما القذارة الأخرى فهي تزول بغسلها. ويوجد نوع واحد من القذارة لا يُمكن تطهيرها بالماء النقي وهو الكراهية والتعصب التي تلوث الروح. نستطيع أن نُطهر أجسامنا بالزُهد والصّيام. لكن الحبّ وحده هو الذي يطهر قلوبنا.

لا تبحث عن الشيطان خارج نفسك أيضًا. فالشيطان ليس قوة خارقة تُهاجمك من الخارج بل هو صوت عادي ينبعث من داخلك. فإذا تعرفت على نفسك تمامًا وواجهت بصدق وقسوة جانبيك المظلم والمشرق. عندها تبلغ أرقى أشكال الوعي وعندما تعرف نفسك فإنك ستعرف الله.

إذا أراد المرء أن يُغير الطريقة التي يُعامله فيها الناس. فيجب أن يُغير أولًا الطريقة التي يُعامل بها نفسهُ. وإذا لم يتعلم كيف يُحب نَفسهُ حبًا كاملًا صادقًا ، فكيف يمكن للمرء أن يلوم الآخرين لأنهم لا يحترمونه إذا لم يكن يعتبر نفسه جديرًا بالاحترام؟

لا تهتم إلى أين سيقودك الطريق بل ركز على الخطوة الأولى. فهي أصعب خطوة يجب أن تتحمل مسؤولياتها. وما أن تتخذ تلك الخطوة دَع كل شيء يجري بشكل طبيعى وسيأتي ما تبقى من تلقاء نفسه. لا تسير مع التيار بل كن أنت التيار.

ولو أراد الله أن نكون مُتشابهين لخلقنا متشابهين. لذلك فإن عدم احترام الاختلافات وفرض أفكارك على الآخرين يعني عدم احترام النظام المقدس الذي أرساه الله.

الصوفيون لا يحكمون على الآخرين من مظهرهم أو من هُم. وعندما يُحدق صوفي في شخص ما فإنه يغمض عينيه ويفتح عين ثالثة، العينُ التي ترى العالم الداخلي.

في هذه الحياة تحاشى التطرف بجميع أنواعه لأنه سيحطم إتزانك الداخلي. فالصوفي لا يتصَرف بتطرف بل يظل مُتسامحًا ومعتدلًا على الدوام.

يتبوأ الإنسان مكانة فريدة بين خلق الله. إذ يقول الله «ونفختُ فيه من روحي» فقد خُلقنا جميعًا من دون إستثناء لكي نكون خلفاء الله على الأرض. فاسأل نفسك كم مرة تصرفت كخليفة لله.

في كل مرة نُحب، نصعد إلى السماء. وفي كل مرة نكره أو نحسد أو نحارب أحدًا فإننا نسقط مباشرةً في نار جهنم.

لا ضرر ولا ضرار. كن رحيمًا. لا تكن نمامًا حتى لو كانت كلمات بريئة.

يُشبه هذا العالم جبلًا مكسوًا بالثلج يردد صدى صوتك. فكل ما تقوله سواء أكان جيدًا أم سيئًا، سيعود إليك على نحو ما.

إن الماضي تفسير، والمستقبل وهم. إن العالم لا يتحرك عبر الزمن وكأنه خط مستقيم، يمضي من الماضي إلى المستقبل. بل إن الزمن يتحرك من خلالنا وفي داخلنا في لوالب لا نهاية لها. إن السرمدية لا تعني الزمن المطلق، بل تعني الخلود.

لا يعني القدر أن حياتك محددة بقدر محتوم. لذلك فإن ترك كل شئ للقدر وعدم المشاركة في عزف موسيقى الكون دليل على جهل مُطلق.

الصوفي الحق هو الذي يَتَحمل الصّبر حتى لو إتُهم باطلًا. وتعرض للهجوم من جميع الجهات ولا يوجِه كلمة نابية واحدة إلى أي مُنتقديه.

إذا أردت أن تُقوي إيمانك فيجب أن تكون ليّنًا في داخِلك. لأنه لكي يشتد إيمانك ويصبح صلبًا كالصخرة يجب أن يكون قلبك خفيفًا كالريشة.

يجب ألا يحول شيء بين نفسك وبين الله، لا ائمة ولا قساوسة ولا أحبار ولا أي وصي آخر على الزعامة الأخلاقية أو الدينية، ولا السادة الروحيون، ولا حتى إيمانك. آمن بقيمك ومبادئك لكن لا تفرضها على الآخرين.

على الرغم من أن المرء في هذا العالم يُجاهد ليحقق شيئًا ويُصبح شخصًا مهمًا، فإنه سَيُخلف كل شيء بعد موته.

لا يعني الاستسلام أن يكون المرء ضعيفًا أو سلبيًا، ولا يؤدي إلى الإيمان بالقضاء والقدر أو الاستسلام، بل على العكس تمامًا. إذ تكمن القوة الحقيقية في الاستسلام

في هذا العالم، ليست الأشياء المتشابهة أو المنتظمة، بل المتناقضات الصارخة، هي ما يجعلنا نتقدم خطوة إلى الأمام. ففي داخل كل منا توجد جميع المتناقضات في الكون

لقد خُلق هذا العالم على مبدأ التبادل؛ فكلّ امرئ يُكافأ على كلّ ذرة خير يفعلها، ويعاقب على كلّ ذرة شرّ يفعلها. لا تخف من المؤامرات، أو المكر، أو المكائد التي يحيكها الآخرون

إن الله ميقاتي دقيق. إنه دقيق إلى حد أن ترتيبه وتنظيمه يجعلان كل شيء على وجه الأرض يتم في حينه. لا قبل دقيقة ولا بعد دقيقة. والساعة تمشي بدقة شديدة بالنسبة للجميع بلا استثناء. فلكل شخص وقت للحب ووقت للموت.

ليس من المتأخر مطلقًا أن تسأل نفسك، هل أنا مستعد لتغيير الحياة التي أحياها؟ هل أنا مستعد لتغيير نفسي من الداخل؟ وحتى ولو كان قد تبقى من حياتك يوم واحد يشبه اليوم الذي سبقه

مع أن الأجزاء تتغير فإن الكل يظل ذاته. لأنه عندما يغادر لص هذا العالم، يولد لص جديد، وعندما يموت شخص شريف، يحل مكانه شخص شريف آخر. وبهذه الطريقة لا يبقى شيء من دون تغيير

لا قيمة للحياة من دون عشق. لا تسأل نفسك ما نوع العشق الذي تُريده، روحي أم مادي، إلهي أم دنيوي، غربي أم شرقي. فالانقسامات لا تؤدي إلا إلى مزيد من الانقسامات.

طالع : شعر الحلاج .. والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت

أقوال شمس التبريزي

طالع : رينيه جينو ..عبد الواحد يحيى .. الصوفي الذي حرَّمت الكنيسة  ذكر اسمه

وفاة التبريزي

اختفى شمس التبريزي وقيل أنه قُتل على يد تلاميذ جلال الدين الرومي بسبب غيرتهم من علاقة التبريزي مع الرومي. لكن بعض الأدلة تؤكد أن شمس التبريزي توفي سنة 1248 فى قونيا فى الأناضول

تابع موقع الموضوع على جوجل نيوز الان

Exit mobile version